


بقعة ضوء
أحمد تلاوي في أربعة أشرطة
أحمد تلاوي - يا هل مقبل علينا
أحمد تلاوي - موّال
أحمد تلاوي - موّال
أحمد تلاوي وفريحة العبدالله - حبحبني عالخدين
يعد أحمد تلاوي حجر زاوية في الأرشيف المسجل لمشهد الشعبي السوري. كان حضوره كثيفًا في الثمانينات والتسعينات، مؤديًا العتابا والشعبي والموال والدبكة في الحفلات الخاصة والأعراس، حتى أصبح من الصعب تفقد بضعة أشرطة في أرشيفنا دون مصادفة اسمه. كانت مشاركة المنصة مع تلاوي طقسًا لدخول مشهد الشعبي لعدة مغنيات ومغنين، مثل فريحة العبدالله وابراهيم السعد وحسين العبدالله، خاصةً في مجال العتابا الذي أصبح اسم تلاوي رديفًا له. عاش تلاوي في مدينته سراقب في ريف إدلب معظم حياته، ولم يغادرها، مكسور الفؤاد، إلا عندما أجبرته النزاعات المسلحة على ذلك. أحمد تلاوي حفلة العطشانة في هذا الشريط النمطي لحفلة أعراس، لدرجة بدايته بتحذير من إطلاق النار في الهواء، يقدم أحمد تلاوي الشاب سلسلة أداءات لتراثيات شعبية ومواويل، يغلب عليها الغناء المتمهل والمستغرق، كأدائه الطويل للكلاسيكية الشعبية، دلعونا، والذي يغطي الثلث الأول من وجه الشريط الأول. يرافقه على مدى الشريط توزيع تقليلي يترك التركيز على صوت تلاوي، لا تنافسه على بقعة الضوء سوى الربابة التي تجامل صوته وتمنحه ديناميكية لطيفة. صدر الشريط عن تسجيلات ماستر كاسيت الفلسطينية المقدسية، التي بنت اسمًا قويًا لنفسها في الموسيقى الشعبية الشامية عبر امتلاكها مكتبة واسعة من تسجيلات الأعراس والحفلات بدأت بجمعها منذ عام ١٩٩٨. نشرت ماستر كاسيت حتى اليوم أكثر من ١٤ ألف فيديو على قناتها على يوتيوب، التي يتابعها أكثر من نصف مليون مستمع. أحمد تلاوي هلا حبيبي حقق أحمد تلاوي قدرًا لا بأس به من نجاحه بفضل هيمنته في ساحة العتابا والموال، وبإمكاننا خلال الاستماع لهذا الشريط معرفة السبب، إذ اكتسب تلاوي مع تقدمه بالعمر خامة صوت غنية وعميقة، وأسلوب غناءٍ محنّك. نسمع في الشريط، الصادر عن تسجيلات الفيحاء الحلبية، صوت تلاوي مغرقًا بالصدى، ترافقه الربابة كظلٍ لصيقٍ له. شريط آخر يمتاز بأدائه المتمهل بشكلٍ يتيح للمستمع السلطنة على تفاصيل صوت تلاوي الشجي. يفتتح تلاوي الوجه الثاني من الشريط بأدائه لقصيدة “تذكرت أيام الوصال بقربكم” مجهولة المصدر، يردد صوته صدًا ثقيل يضفي عليه الهيبة، فيما تنسج الآلات الوترية ستارة صوتية محيطة في الخلفية. اشتهرت القصيدة ذاتها أيضًا بصوت المطرب الحلبي أديب الدايخ. أحمد تلاوي مواويل جرح قلبي في هذا الشريط الصادر عن تسجيلات الفيحاء من عرسٍ أحياه التلاوي عام ٢٠٠٩، يمتزج التوزيع الوتري التقليدي للأغنية الشعبية السورية مع الأورج الذي دخل لاحقًا على الشعبي وترك فيه أثرًا عميقًا. من الملفت أن حضور الأورج يبقى محدودًا ومتقطعًا على مدى الشريط، إذ يبدو أن صوت التلاوي الذي اعتاد المصاحبة الوترية لعدّة عقود لا يستسيغ كليًا هذه النقلة الإلكترونية الحديثة. يغني تلاوي على مدى وجهي الشريط سلسلة مووايل تلاطف أغلبها أهل العرس، يغنيها بصوتٍ لزج وعميق، يلتصق بالإذن كالصمغ، وكالصمغ أيضًا يصيب مستمعه بالانتشاء. أحمد تلاوي مجاريح يُعرف أحمد تلاوي لتعاوناته الغزيرة في الحفلات، ويتعاون هنا مع صوتٍ نسائي تمّت الإشارة إليه بالـ الحجيات، وهو لقب يشير إلى مغنيات الشعبي من حمص، اللواتي قاسين رفضًا من المجتمع المحافظ المحيط بهن. يرجّح أن يعود الصوت إلى فريحة العبد الله من ريف حمص، والتي دعم تلاوي مسيرتها منذ أن كانت في الثامنة عشر، وتشارك معها المنصة في مناسباتٍ عديدة. يقدم لنا هذا الشريط الصادر عن تسجيلات ديسكو الشرق الدمشقية أكثر أشرطة تلاوي على هذه القائمة حيوية وبعثًا على الرقص، بتبادله العذب بين صوت تلاوي والمغنية المرافقة، بشكلٍ يكسر رتابة الأغنية الشعبية الذكرية ويفسح المجال لديناميكية منطلقة، تبلغ ذروتها في أغنية حبحبني عالخدين في الوجه الثاني من الشريط.
عمار منلا حسن
عمار منلا حسن هو صحفي وباحث موسيقي، وأخصائي بلوكتشين. الشريك المؤسس لمبادرة تكسير ومدير التحرير السابق لمعازف.